أخبار المندوبين

باحثون وأكاديميون أردنيون يشاركون في مؤتمر الكهوف التراثية والسياحية

في مبادرة تُعد الأولى من نوعها، ليس في الأردن فحسب بل على مستوى العالم العربي، عُقد أول مؤتمر متخصص بالكهوف التراثية والسياحية تحت سطح الأرض، لبحث سبل تطويرها والاستفادة من اقتصادياتها المتنوعة. وأكدت الدراسات التي أجراها خبراء في الآثار والتراث والسياحة امتلاك الأردن مخزوناً كبيراً من الكهوف القديمة المنتشرة في مختلف محافظات المملكة، إلى جانب الأنفاق النادرة ذات القيمة العالمية.
وبيّن رئيس اللجنة العلمية والتنظيمية للمؤتمر، الأستاذ الدكتور محمد وهيب من الجامعة الهاشمية، أن لهذه الكهوف مردوداً اقتصادياً كبيراً في حال تطويرها وفق أسس علمية وعالمية. وأشار إلى تنوع وظائف الكهوف بين دينية وسكنية ومقبريّة وتخزينية وغيرها؛ ما يستدعي وضع خطط وبرامج واستراتيجيات متخصصة لكل نوع. كما أشاد بتجربة أمانة عمّان الكبرى في إطلاق مسار الكهوف التاريخية وإصدار النشرات والخرائط السياحية الخاصة بها.
وجرى عقد المؤتمر الأول للكهوف تحت الأرض بهدف تعزيز أهمية التراث الكهفي في الأردن واستثمار الإمكانيات المتاحة، حيث استضافه كهف أبو جابر بعد تطويره بمبادرة شخصية، ليصبح نموذجاً حياً للحفاظ على الإرث الحضاري ومقصداً تعليمياً لطلبة المدارس والجامعات.
وأقامت مبادرة درب الوئام الحضاري بالتعاون مع أمانة عمّان، وملتقى الوسام الذهبي للثقافة والفنون، ومتحف كهف أبو جابر، يوم السبت 29/11/2025، وبمشاركة وزارة السياحة والآثار، ووزارة الثقافة، وجامعتي آل البيت ومؤتة، واتحاد الكتّاب والأدباء الأردنيين، واتحاد المؤرخين في تراث القبائل، وجمعية أدلاء السياح الأردنية، وجمعية رامة الخير، وصالون الدكتور العلمي الثقافي، وجاليري بانوراما عمّان، والمجتمع المحلي في شرق عمّان، أعمال المؤتمر الأول لتطوير الكهوف الطبيعية والحضارية في عمّان والأردن.
ويأتي هذا الزخم من المشاركة نظراً لأهمية سياحة الكهوف عالمياً، إذ يُعد المؤتمر الأول من نوعه المتخصص في هذا المجال في الأردن والعالم العربي، ويعقد داخل كهوف أبو جابر الواقعة تحت مستوى سطح الأرض في منطقة اليادودة.
وأكد الدكتور محمد وهيب أن سياحة الكهوف في عمّان شهدت تطوراً ملحوظاً على مستوى العالم العربي، وذلك منذ إطلاق أمانة عمّان لمسار الكهوف التاريخية، وكرنفال كهف الرقيم، وكهف المعلقة في عراق الأمير، وكهف جبل اللويبدة، وكهوف عين غزال، وكهف مسجد الفتح، وكهف الحمام الزاجل في المقابلين، وغيرها. وأضاف أن العمل جارٍ لربط هذه الكهوف مع كهوف مميزة أخرى في المحافظات، مثل كهف النبي لوط في غور الصافي، وكهف المشنقة في مكاور، وكهف ومعلقة وادي شعيب. وأوضح أن استراتيجية سياحة الكهوف ومساراتها ستكون جاهزة مطلع العام 2026 لتجعل من الأردن رائداً في هذا النمط السياحي، لافتاً إلى وجود كهوف تشكل ثروة غير مستغلة حتى الآن.
ورحّب السيد ناصر أبو جابر، مدير متحف كهوف أبو جابر، بالمشاركين، مؤكداً دور الكهف في نشر المعرفة وحماية التراث عبر العقود. ومن جانبه، اعتبر معالي الوزير الأسبق طه الهباهبة هذه الفعالية فريدة على المستويين المحلي والإقليمي، مشيراً إلى أهمية اقتصاديات الكهوف وانعكاسها الإيجابي على المجتمعات المحلية.
وأكد العميد المتقاعد مناور الشخاترة، رئيس مبادرة درب الوئام، أن أوراق العمل الأكاديمية والبحثية المقدمة تعكس الاهتمام المتزايد بهذا النوع من السياحة وتعزيز دور المجتمعات المحلية فيه. وتحدث السيد خالد الرقاد من وزارة السياحة عن جهود الوزارة في تطوير سياحة الكهوف وآفاقها المستقبلية. فيما شددت السيدة رسمية اللحام ممثلة اتحاد المؤرخين على أهمية توثيق الكهوف الأردنية، مؤكدة أن الجهود وصلت إلى مراحل متقدمة.
وأشار السيد معتز المهيرات من أمانة عمّان إلى الجهود المتواصلة للأمانة في تطوير سياحة الكهوف من خلال إطلاق المسارات وإعداد الخرائط والنشرات السياحية.
وفي الجلسة العلمية للخبراء والأكاديميين، عرض الدكتور مهدي العلمي أساليب حديثة لتسويق الكهوف سياحياً على المستوى العالمي، بينما قدّم الدكتور ناصر الحموري رؤية حول تطور إدارة الكهوف في الأردن وخططها الاستراتيجية الواعدة. وقدم الدكتور عبد العزيز محمود والأستاذ مهند طرادات عرضاً لتطور عمارة الكهوف التاريخية، مؤكدين دور الهندسة والأنثروبولوجيا في تطويرها.
وتحدث الدكتور عدنان لطفي حول إرشادات الحفاظ على صحة زوار الكهوف، فيما تناولت الدكتورة ماجدة الطراونة دور المرأة التاريخي والاجتماعي في نشأة الكهوف. وقدّمت الدكتورة شيرين العواملة رؤية حول أساليب الحفاظ على الكهوف كإرث حضاري ومصدر دخل مستدام. كما استعرضت الباحثتان نيفين رشاد من الجامعة الهاشمية، وزين القرعان من جامعة مؤتة، الأهمية الأثرية للكهوف الأردنية ونتائج التنقيبات المتعلقة بالإنسان الأول.
وأكد الدكتور محمود بن طريف من وزارة التربية والتعليم أهمية إدماج سياحة الكهوف في مناهج الطلبة، بينما أشارت الدكتورة ميسون العطيات إلى الاستخدامات المعاصرة للكهوف، خاصة لأغراض التخزين والحفظ. وأوضحت الدكتورة ميسون الزغول من جامعة آل البيت دور البحث العلمي في توثيق الكهوف وتطويرها. واختتم الباحث فريد الشريدة بالتأكيد على ضرورة توحيد التفسير العلمي للكهوف وعقد دورات تدريبية متخصصة.
وشهد المؤتمر نقاشات موسعة بمشاركة جمعية أدلاء السياح الأردنية، وأوصى المشاركون بعقد المؤتمر سنوياً، ودعم جهود أمانة عمّان ووزارة السياحة في تطوير سياحة الكهوف ومنشوراتها وخرائطها، وربط الكهوف التراثية في المملكة لتعظيم مردودها الاقتصادي.
واختتمت الوفود المشاركة زيارات ميدانية شملت متحف أبو جابر التراثي، وضريح الملكة علياء الحسين، وقصر المشتى، وعدداً من المواقع التراثية المحيطة بمنطقة انعقاد المؤتمر.