
14-كانون الاول
نظّمت مديرية التربية والتعليم للواء دير علا اليوم الأحد ندوة ثقافية بعنوان “مواجهة التطرف والإرهاب – استراتيجيات الأمن السيبراني والسلم المجتمعي” وذلك في قاعة بلدية معدي الجديدة و بحضور رسمي وتربوي وأمني ومجتمعي واسع وبمشاركة نخبة من المتخصصين وأصحاب الخبرة ومندوباً عن محافظ البلقاء افتتح الندوة متصرف لواء دير علا جمال الخريشا.
وتميزت الندوة بعرض فيديوهات توضيحية وتجارب محلية وعالمية سلطت الضوء على آليات استقطاب الأفكار المتطرفة عبر المنصات الرقمية وقدمت نماذج عملية لاستراتيجيات المواجهة والوقاية مما أضفى بعداً تطبيقياً على المحاور النظرية التي ناقشها المحاضرون.
افتتحت الندوة بآيات من الذكر الحكيم وتلتها كلمة ترحيبية لعطوفة مدير التربية والتعليم الدكتور مزهر الرحامنة الذي أكد في كلمته على دور التربية في بناء وعي الأجيال وتعزيز المفاهيم الإنسانية والوطنية الرافضة لكل أشكال التطرف.
وقدّم الدكتور محمد الغنام مداخلة قيمة حول “السمات النفسية والجذور التاريخية للفكر المتطرف.
أما المداخلة المتميزة للأستاذة أسماء الرواجبه والتي حملت عنوان “طرق الوقاية والحماية من أفكار الجماعات التكفيرية”، فقد قدمت تحليلاً عملياً لاستراتيجيات المناعة الفكرية وركزت على ضرورة بناء “جهاز مناعي مجتمعي” قادر على تمييز الخطاب المتطرف من خلال تعزيز مهارات التفكير النقدي والتساؤل لدى الشباب وتحصينهم بفهم صحيح للدين يقوم على الوسطية والتسامح كما استعرضت آليات عملية للتعرف على مؤشرات التطرف المبكرة ضمن البيئات الأسرية والتربوية ودور الإرشاد النفسي والتربوي في احتواء الانحراف الفكري قبل استفحاله.
من جانبه تناول الأستاذ إبراهيم العسولي البعد القانوني في مواجهة التطرف مؤكدًا أهمية الإجراءات القضائية والتشريعية.
وتناول الأستاذ علاء الدين الديات في مداخلته الموسومة بـ “الفكر المتطرف: الأسباب والعلاج” الظاهرة من جذورها، محللاً العوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي تُعد بيئة خصبة لاستقطاب الشباب. وقدم رؤية شمولية للعلاج تقوم على مقاربة متعددة المستويات تبدأ بإصلاح الخطاب الديني وتعزيز قيم المواطنة وتمر بخلق الفرص الاقتصادية والترفيهية البناءة للشباب وتنتهي ببناء استراتيجية إعلامية ورقمية مضادة تفضح زيف خطاب الكراهية وتقدم البديل الوطني والإنساني الإيجابي.
كما شارك في أعمال الندوة المفتي زياد غريز مدير مكتب إفتاء دير علا مؤكداً على الدور المحوري للفكر الديني المستنير في مواجهة التطرف وأوضح أن الفتوى الشرعية الرصينة هي حصن الأمة ضد تشويهات الجماعات المتطرفة لدينها، مشدداً على أهمية تبني خطاب ديني يعلي قيم التعايش والسلم المجتمعي ويرسخ مفهوم “الوسطية” الذي يجسد السماحة الحقيقية للإسلام وأشار إلى أن المؤسسات الدينية الرسمية شريك أساسي في أي استراتيجية وطنية للوقاية من التطرف من خلال برامج التوعية المستمرة وتصحيح المفاهيم المغلوطة.
وفي كلمته خلال الندوة أكد العقيد الدكتور محمود الشرمان – مدير شرطة غرب البلقاء أن الأجهزة الأمنية تعمل بشكل تكاملي مع المؤسسات التربوية والمجتمع المحلي لمواجهة الفكر المتطرف مشدداً على أن التطرف لا يُواجه فقط بالأمن بل بالوعي والتربية والمعلومة الصحيحة وأضاف أن الأمن المجتمعي يبدأ من داخل الأسرة والمدرسة ويترسخ بقيم الانتماء والاحترام وقبول الآخر.
كما أشار الشرمان إلى أهمية الدور التوعوي الذي تقوم به الشرطة المجتمعية من خلال تنفيذ حملات ومبادرات تهدف إلى ترسيخ مفاهيم السلم، وتعزيز الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني للوقاية من الفكر المتشدد.
من جانبها بيّنت الشرطة المجتمعية فرع غرب البلقاء ممثلة بالنقيب عبد الله الخرابشة أن انخراط الشباب في مثل هذه الندوات يسهم في بناء جيل واعٍ قادر على التمييز بين الخطاب السلمي وخطاب الكراهية مؤكدين استمرارهم في تنفيذ برامج نوعية تدعم الأمن الفكري وتحصن المجتمع من المخاطر الخفية للتطرف.
وتناولت فقرات الندوة من خلال شهادات حية وعروض مرئية تجارب محلية ناجحة في التصدي للخطاب المتطرف كما ناقش الحضور استراتيجيات عملية لتعزيز المناعة الفكرية لدى الشباب في الفضاءين الواقعي والرقمي.
و ختاماً خرجت الندوة بتوصيات تؤكد أهمية تكثيف البرامج التوعوية وتوحيد الجهود الوطنية في مواجهة أي فكر منحرف يستهدف أمن واستقرار الوطن.
وقد وجّه المشاركون شكرهم وتقديرهم إلى مديرية التربية والتعليم للواء دير علا على تنظيمها لهذه الندوة الهادفة مؤكدين أن الاستثمار في وعي الطلبة هو الدرع الأول في مواجهة التطرف والإرهاب كما عبّروا عن امتنانهم للجهات الأمنية وخصوصًا مديرية شرطة غرب البلقاء وفرع الشرطة المجتمعية على جهودهم المتواصلة في دعم الأمن المجتمعي وبناء جسور الثقة مع المواطنين.
وأعرب عدد من الطلبة والمعلمين الحاضرين عن أن العروض التوضيحية والمناقشات الغنية قد وسّعت مداركهم في تحديد سمات الفكر المتطرف وأساليب الحماية منه معربين عن أملهم في تعميم هذه التجربة على جميع المدارس والمراكز المجتمعية.
واختُتمت الندوة بتأكيد الجميع أن الأردن بقيادته الهاشمية الواعية ومؤسساته الوطنية المتكاتفة سيبقى حصناً منيعاً أمام كل فكر متطرف بعقول شبابه وقوة أمنه ووعي مجتمعه.
