منوعات

الدين في الصين

 

الأربعاء 29/11/2023 : تعتنق الصين رسميًّا الإلحاد الحكومي ولكن في الحقيقة، يمارس كثير من المواطنين الصينيين، ومنهم بعض أعضاء الحزب الشيوعي الصيني، الدين الشعبي الصيني. كانت الحضارة الصينية تاريخيًّا مهدًا ومحلًّا لمجموعة من أدوَم التراثات الدينية الفلسفية في العالم. الكونفوشيوسية والطاوية ثم البوذية، هي «التعاليم الثلاثة» التي شكلت الثقافة الصينية. ليس بين هذه الأنظمة الدينية المتداخلة حدود واضحة، فهي لا تدعي الحصرية، ويغتني الدين الشعبي بعناصر من كل منها. ادعى أباطرة الصين سلطة سماوية وشاركوا في الشعائر الدينية الصينية. في أوائل القرن العشرين، هاجم «الإصلاحيون» من المسؤولين والمثقفين كل الأديان ووصفوها بالخرافات، ومنذ عام 1949، حكم الحزب الشيوعي الصيني، وهو مؤسسة إلحادية تمنع أعضاء حزبها من ممارسة الدين وهم في المنصب. مع تراكم سلسلة من الحملات الإلحادية والمعادية للأديان منذ القرن التاسع عشر، جاءت الثورة الثقافية ضد العادات والأفكار والأعراف والثقافة القديمة، واستمرت من 1966 إلى 1976 لتدمر هذه العادات أو تكبتها.  وفي عهد حكام متتالين، مُنحت المنظمات الدينية استقلالًا أكبر. تقر الحكومة رسميًّا بخمسة أديان: البوذية، والطاوية، والكاثوليكية، والبروتستانتية، والإسلام. في أوائل القرن الحادي والعشرين زاد الاعتراف بالكونفوشيوسية والدين الشعبي الصيني بوصفه جزءًا من إرث الصين الثقافي

الدين الشعبي هو أوسع أنظمة المعتقدات والشعائر اعتناقًا في الصين، وقد تطور وتأقلم منذ سلالتي شانغ وجو على الأقل، في الألفية الثانية قبل الميلاد. تعود العناصر الجوهرية في اللاهوت والشرح الروحاني لطبيعة الكون إلى تلك الفترة، ثم فُصّلت في العصر المحوري. من عقائد الدين الصيني الولاء للشن، وتترجم عادةً إلى «الأرواح»، وهي مجموعة من الآلهة والخالدين. منها آلهة للبيئة الطبيعية أو أصول وأسلاف للمجموعات الإنسانية، ومنها مفاهيم للتحضر، وأبطال ثقافيون، كثير منهم بارز في الميثولوجيا والتاريخ الصيني. بدأت الفلسفة الكونفوشيوسية وشعائرها الدينية التطور في أواخر عهد جو، أما الأديان الطاوية فطورتها سلالة هان، وأصبحت البوذية الصينية واسعة الانتشار في عهد سلالة تانغ، وفي ردّهم عليها طوّر المفكرون الكونفوشيوسيون الفلسفة الكونفوشيوسية الحديثة، وازدهرت حركات خلاص وطوائف محلية كثيرة في تلك الفترة.

وصلت المسيحية والإسلام إلى الصين في القرن السابع الميلادي. لم تتجذّر المسيحية في الصين إلى أن عادت مرة أخرى في القرن السادس عشر على يد المبشرين اليسوعيين. في أوائل القرن العشرين نمت المجتمعات المسيحية، ولكن بعد 1949 طُرد المبشرون الأجانب، وأصبحت الكنائس تحت سيطرة مؤسسات حكومية. بعد سبعينيات القرن العشرين، تحسنت حرية المسيحيين الدينية ونشأت مجموعات صينية جديدة. لم يزل الإسلام موجودًا في المجتمع الصين منذ 1،400 عام. اليوم، المسلمون أقلية في الصين تبلغ نسبتهم بين 0.45% و 1.8% من إجمالي السكان حسب التقديرات الأخيرة. ولان كان المسلمون الهوي أكثر المجموعات المسلمة تعدادًا، فإن أكبر تمركز للمسلمين هو في إقليم سنجان، الذي فيه نسبة كبيرة من الأويغور. تعدّ الصين كذلك موطنًا للإنسانية والعلمانية، وهما أيدلوجيتان علمانيتان بدأتا في عهد كونفوشيوس.

لمّا كان كثير من الصينيين الهان لا يرون في معتقداتهم الروحية «دينًا» ولا يشعرون أنهم يجب أن يلتزموا بأي واحد منها دون سواه، فمن الصعب جمع إحصائيات واضحة ومتينة. حسب رأي الباحثين، تشترك «الأغلبية العظمى من سكان الصين وهم 1.4 مليار» في الدين الكوني الصيني، وشعائره ومهرجاناته وتقويمه القمري، من دون الانتماء إلى أي تعليم مؤسسي. قدّرت الإحصائيات الوطنية التي جرت في أول القرن الواحد والعشرين أن 80% من شعب الصين، أي أكثر من مليار نسمة، يعتنقون نوعًا من الدين الصيني الشعبي، و13 إلى 16% منه بوذيون، و10% طاويون، و2.35% مسيحيون، و0.83% مسلمون. تشكل حركات الخلاص الشعبية 2–3% إلى 13% من السكان، وكثير منهم من الطبقة المثقفة وملتزم بالهوية الدينية الكونفوشيوسية. بالإضافة إلى ذلك، تعتنق المجموعات الأقلية العرقية أديانًا مستقلة، منها البوذية التبتية والإسلام بين شعبي الهوي والأويغور.