الاحد: ٢٦/٢/٢٠٢٣ – اعتاد عمر (27عاما ) أن يعطي أهمية كبرى لتقييم الآخرين له، فلطالما سعى لأن يثبت للغير أنه إنسان ناجح ومتفوق، عله يتلقى كلمات الإشادة والثناء.
تحدث عمر عن نفسه في الماضي، وما كان يعانيه من قلق وتوتر دائمين، إذ كان يعتقد أن إرضاء من حوله مطلب يجب أن يحققه، وإن كان على حساب ذاته، حيث لا يرى نفسه إلا من خلال عيون الآخرين.
أدرك عمر متأخراً بمساعدة صديقه سامي أن ما يفعله مبالغ به، وفيه ضغط كبير، إلى جانب القيام بعمل دائم أساسه تحسين صورته أمام محيطه.
وفي اللحظة التي بدأ عمر فيها يرى الأمور بشكل آخر بدأ وبالتدريج يشعر بالرضا، أيقن أنه أضاع من وقته الكثير في سبيل إرضاء الآخرين.
بينما لين (29 عاما) تدرك تماماً أن إرضاء نفسها يأتي في المقام الأول، وأن سعيها يجب أن يكون في شيء تحبه وتطمح إليه، هذه القناعة التي نشأت عليها ونمت معها منذ الصغر بل وتستمد منها القوة غير مبالية بنظر الآخرين إليها.
وتعلم لين أن المحيطين بها قد ينظرون إليها بطريقة مختلفة، وقد لا تنال إعجابهم، ولكن في النهاية ترى أن عليها بأن تعيش حياتها كما هي، وتحقق ذاتها بعيدا عن تفكير من حولها وآرائهم، فهي تعلم تماما أن إرضاء الآخرين غاية لن تدرك.
اختصاصي علم النفس الدكتور علي الغزو، يبين أن غياب تقدير الذات والثقة بالنفس واحدة من أسباب البحث عن رضا الآخرين، فهناك دوافع عدة تقود الفرد لهذا السلوك، فالبعض قد يمتلك الحق بفعل ذلك، إذ إن جزءا منهم لم يحصل على الفرصة التي من الممكن أن تتناسب مع مستواه الأكاديمي أو المهني، وعندما يعمل الشخص في مكان ما ولا يحقق طموحه هذا يقوده لعدم تحقيق الرضا الوظيفي الذي يحقق له الرضا الذاتي.
ويتابع، وفي هذه الحالة يدخل الإنسان في حالة نفسية من عدم الرضا عن النفس وتزداد هذه النظرة عندما يصبح من حوله ينظر إليه نظرة تقلل من شأنه بمعنى أنه ليس في المكان المناسب، ويتولد لديه شعور أن كلامهم صحيح، وأنه يجب أن يغير ويطور من حياته المهنية فيبدأ في التنافس للوصول، مؤكدا أننا لا يمكن أن نلوم هذا الشخص، ففي النهاية هو يسعى لأن يرضي ذاته بالدرجة الأولى ويحقق رضا الآخرين عنه.
الحالة النفسية التي يعيش فيها هذا الإنسان قد يكون فيها الكثير من التوتر والقلق، وقد يتولد لديه شعور بعدم الثقة بالآخرين، وإذا كانت الحالة متقدمة لديه فقد يعاني من نوبات غضب وتوتر زائد وهذا ينعكس على تعامله وعلاقاته مع الآخرين، ولا شك أن لها تأثيرات سلبية تأخذ منحى آخر، بحيث أنها قد تأثر على الأسرة على المدى البعيد. وينوه الغزو إلى أن الكثير من الأشخاص هدفهم إرضاء الآخرين، ولكن في مرحلة من مراحل حياتهم يتغيرون، خاصة إذا كان هذا الإنسان يمتلك وعيا ونضجا فكريا وعقليا فسيتغير مسار تفكيره ويصبح لديه خطط وطموحات جديدة للعمل على ذاته وإرضاء نفسه ورغباته وطموحاته.
والجزء الآخر يبقى يعيش في “قوقعة”، وهؤلاء للأسف حياتهم نوعا ما غير مستقرة نفسيا لأنهم في صراع دائم مع ذاتهم لإرضاء الآخرين.
ويشير الغزو إلى أن الإنسان العقلاني والمنطقي يحقق الأمان النفسي ويعمل لذاته وللآخرين بطريقة سليمة، مبينا أن الفئة التي تعاني أكثر هي فئة الناجحين والتي لديها عطاء لأن سقف التوقعات التي يوضع لهم كبيرة، لذلك تخشى من الفشل.
