منوعات

السنة الصينية الجديدة.. قصة احتفال عمره آلاف السنين

يوافق يوم الثلاثاء، بداية السنة الصينية الجديدة أو عيد الربيع، والتي تعرف أيضا بالسنة القمرية الجديدة، في حدث سنوي يحتفل به الصينيون في مختلف أنحاء العالم.

ويبدأ الاحتفال مع بداية أول شهر قمري في السنة الصينية، والذي يتم تحديده مع بزوغ القمر الجديد الثاني بعد الانقلاب الشتوي (21 ديسمبر)، وينتهي في اليوم الخامس عشر من ذلك الشهر.

ويختلف موعد الاحتفال من عام إلى آخر، لكنه يقع دائما بين أواخر يناير ومنتصف فبراير؛ ويعد هذا العام 4720 وفقا للتقويم الصيني.

وتسمى الأعوام الصينية بأسماء حيوانات، لأن الأبراج الصينية تنقسم إلى 12 برجا تمثل 12 حيوانا، وتشكل دورة من 12 عاما.

وهذا العام هو عام النمر، ووفقا للفلكلور الصيني، يكتسب الأطفال المولودون في هذا العام صفات النمر، حيث سيكونون قادة حازمون يتمتعون بالاحترام والشجاعة، ويحبون التحدي والمنافسة ومستعدون لتحمل المخاطر.

ورغم وجود بعض الدلالات التاريخية على احتفال الصينيين بهذا العيد منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد عندما حكمت أسرة شانغ، فإن أول ذكر للاحتفال ببداية العام الجديد كان خلال عهد أسرة هان الشرقية (202 ق.م – 220 م)، حيث تم تسجيله في التقويم الزراعي الذي كتبه للفلاحين المهندس الزراعي الشهير شي شنغهان.

وتم وصف الاحتفال في التقويم الزراعي: “يسمى يوم بداية الشهر الأول (زينغ ري). أحضر زوجتي وأولادي لعبادة الأجداد وإحياء ذكرى والدي”.

وكتب شنغهان لاحقا: “الأطفال، والزوجة، والأحفاد، وأحفاد الأحفاد يقدمون جميعا نبيذ الفلفل لوالديهم، ويصنعون الخبز المحمص، ويتمنون لوالديهم الصحة الجيدة”.

خلال عهد أسرة جين (266 – 420 م)، بدأ الناس تقليد عشية رأس السنة الجديدة المتمثل في الاحتفال طوال الليل باسم شوسوي.

ويرتبط بهذا العيد أسطورة صينية يقول أحد فصولها، إن وحشا يشبه التنين اسمه نيان “السنة” كان يهاجم القرويين في بداية كل عام، وكان نيان يخاف من الضوضاء العالية والأضواء الساطعة واللون الأحمر.

لذلك، استخدم الناس هذه الأشياء لطرد الوحش بعيدا عنهم، وهذا هو سر ظهور دمية التنين في الاحتفالات.

يجري الاحتفال بالعيد على مدار 15 يوما، ومنذ التسعينيات منحت الحكومة الصينية المواطنين أسبوعا إجازة. ويسمى أول يوم في السنة الصينية باسم “عيد الفانوس” (元宵节)، أما ليلة العيد فتعرف باسم “تشوشي” (除夕).

وبحسب بيانات وزارة التجارة الصينية، ينفق الصينيون خلال أيام العيد، أكثر من 820 مليار يوان (128 مليار دولار أميركي) على التسوق والطعام.

ومن بين طقوس الاحتفال، يتأكد الصينيون من نظافة منازلهم قبل منتصف ليلة رأس السنة القمرية الجديدة، بهدف تخليص المنزل من أي حظ سيء قد يتراكم خلال العام الماضي.

ويهتمون كذلك بتسوية الديون قبل حلول العام الجديد، بما في ذلك فواتير بطاقة الائتمان، حيث يعتقدون أنه عندما تأتي بداية العام مع تراكم ديون، قد يعني أنك ستنهيه بالديون كذلك.

أما المحظورات التي يجب تجنبها خلال الاحتفال بالعيد، فأهمها عدم قص الشعر أو غسله في اليوم الأول من العام الجديد، ومبعث هذا الاعتقاد أن الحرف الصيني لكلمة الشعر هو الحرف ذاته في كلمة الازدهار الصينية، ويعني ذلك أن غسل أو قص الشعر، التقليل من الثروة أو من فرص تحقيق الرخاء في العام المقبل.

كما يتوقف الصينيون المهتمون بالقراءة عن شراء الكتب، ويعود السبب في ذلك إلى كون لفظ كلمة كتاب باللغة الصينية يشابه لفظ كملة خسارة، لذلك فإن شراء الكتب في هذه الفترة يعد بمثابة دعوة للحظ السيء.

وفي حال تم تنظيم احتفال كبير في الليلة الأولى من العيد، يتجنب الصينيون تنظيف منازلهم خلال ساعات العيد الأولى، وينتظرون حتى بداية اليوم الثاني من السنة القمرية، تجنبا لمنع الحظ السعيد الذي تجلبه الاحتفالات في منتصف الليل.

إلى جانب احتفال أكثر من مليار شخص داخل الصين بهذا العيد، تحتفي أيضا بهذه المناسبة العديد من الدول الآسيوية، من بينها سنغافورة وإندونيسيا وماليزيا وتايلاند وكمبوديا والفلبين.

وتستضيف سنغافورة موكبا في الشارع يسمى “تشينغاي”، يتميز بالأزياء الملونة والعروض الحية والألعاب النارية. وينظم احتفال ضخم في كلكتا بالهند، وتشهد السفارة الصينية في إسلام آباد فعاليات ثقافية كبيرة بهذه المناسبة.

وكذلك تحتفل بالسنة القمرية الجديدة المجتمعات الغربية التي تنتشر فيها الجالية الصينية، ففي نيويورك يتم الاحتفال بالعيد لمدة أسبوع، وتشمل الاحتفالات مهرجانا ثقافيا، وحفلا موسيقيا، وإطلاق ألعاب نارية على نهر هدسون بالقرب من القنصلية الصينية.

وأحد الاحتفالات الرئيسية هو استعراض السنة الصينية الجديدة، مع “العوامات” والألعاب النارية التي تقام على طول الشوارع جنوب حي مانهاتن.

وفي عام 2015 أعلن عمدة مدينة نيويورك، بيل دي بلاسيو، أن السنة القمرية الجديدة ستكون عطلة مدرسية عامة.

وفي لندن، تقام الاحتفالات في الحي الصيني وليستر سكوير وترافالغار سكوير. وتشمل الاحتفالات موكبا ووليمة ثقافية وألعابا نارية وحفلات موسيقية وعروضا. يستقطب الاحتفال عشرات الآلاف من الناس.

أما مدينة مانشستر في المملكة المتحدة، وهي موطن لواحد من أكبر وأقدم المجتمعات الصينية في البلاد، فيجري بمناسبة العام الجديد عرض تنين يبلغ طوله 53 مترا في الشوارع التي تؤدي إلى الحي الصيني بالمدينة.

وفي باريس، أقيمت الاحتفالات منذ الثمانينيات في عدة مناطق خلال شهر واحد مع العديد من العروض. وفي هولندا تقام الاحتفالات رسميا في لاهاي منذ عام 2002، وأقيمت احتفالات أخرى في أمستردام وروتردام.