
د. وليد سرحان – مستشار أول الطب النفسي
17-كانون الاول
أصبح الكبتاغون خلال السنوات الأخيرة يشكل تحدياً حقيقياً في المجتمعات ، خصوصاً بين فئة الشباب ويعد هذا العقار الخطير، المصنف كمخدر، الذي ينتشر بشكل متزايد وفي الجامعات وأماكن تجمع الشباب، ما يستدعي وقفة جادة وتوعية مجتمعية واسعة لدرء مخاطر الظاهرة قبل استفحالها.
ما هو الكبتاغون؟
الكبتاغون هو اسم تجاري لمركب فينيثايلين، وهو مادة منشطة تؤثر بشكل مباشر على الجهاز العصبي المركزي. تم تطويره في الأصل لعلاج بعض الحالات الطبية، لكنه أصبح يُستخدم بشكل غير قانوني كمخدر يسبب الإدمان الشديد. تعاطي الكبتاغون لا يمنح القوة أو النشاط كما يُشاع، بل يجرّ صاحبه إلى دوامة من الإدمان والمشاكل الصحية والنفسية الخطيرة.
انتشاره بين الشباب وأهمية التوعية
تشير المؤشرات الرسمية وتقارير الجهات المختصة إلى تزايد حالات تعاطي الكبتاغون بين الشباب ، خاصة في المناطق الحضرية والمكتظة، ما يؤكد الحاجة الملحة للتوعية بمخاطره. غياب المعرفة بخطورة الكبتاغون يجعل الكثير من الشباب عرضة للاستغلال أو الوقوع في فخ الإدمان دون إدراك للعواقب، وهنا تبرز مسؤولية جميع أفراد المجتمع في التصدي لهذه الظاهرة
.
آثار الكبتاغون الصحية والنفسية على الشباب
تعاطي الكبتاغون يسبب أضراراً جسيمة لصحة الشباب، أبرزها اضطرابات خطيرة في القلب، وارتفاع ضغط الدم، وخلل في وظائف الجهاز العصبي. كما يؤدي إلى فقدان الشهية، والأرق، وتدهور الحالة الجسدية بشكل عام. أما على الصعيد النفسي، فالكبتاغون يسبب القلق الحاد، والاكتئاب، والذهان التوهمي واضطراب العلاقات الاجتماعية، إلى جانب فقدان الثقة بالنفس، ما ينعكس سلباً على المستقبل الدراسي والمهني للشباب.
طرق تعاطي الكبتاغون ومخاطره الخفية
ينتشر تعاطي الكبتاغون بين الشباب غالباً عبر الحبوب التي يسهل تداولها في التجمعات أو الحفلات. يظن البعض أن تعاطيه بشكل محدود لن يؤدي إلى الإدمان، لكن الحقيقة أن الكبتاغون يسبب اعتمادية سريعة جداً وصعوبة بالغة في الإقلاع عنه. وتكمن خطورته أيضاً في أنه غالباً ما يكون مغشوشاً بمواد سامة تزيد من المخاطر الصحية دون علم المتعاطي.
التحذير من استغلال الشباب وضعاف النفوس
لا يخفى أن ضعاف النفوس يستهدفون الشباب تحديداً، مستغلين قلة خبرتهم ورغبتهم في التجربة أو الهروب من الضغوط النفسية. غالباً ما يتم استدراجهم باستخدام وعود زائفة حول زيادة النشاط أو التخلص من القلق، ليجدوا أنفسهم أسرى الإدمان ومهددين بفقدان مستقبلهم. لذا من الضروري أن يكون الشباب واعياً ويحصن نفسه أمام هذه المحاولات.
دور الأسرة والمجتمع في الوقاية
الأسرة هي الحصن الأول في حماية الأبناء من مخاطر الكبتاغون، عبر المراقبة الواعية والدعم النفسي المستمر. الحوار المفتوح والتوعية داخل المنزل تزرع الثقة وتساعد الشباب على مواجهة التحديات. كما أن دور المدارس والأندية الرياضية والاجتماعية لا يقل أهمية، إذ يجب تكثيف برامج التوعية والمبادرات للوقاية من التعاطي. تكاتف مؤسسات المجتمع المدني والجهات المختصة ضروري لبناء شبكة حماية فعالة للشباب.
الدعوة للعلاج وطمأنة المتعاطين
الإدمان ليس نهاية الطريق، بل بداية جديدة لمن يختار العلاج. من المهم تشجيع كل من وقع في فخ الكبتاغون على طلب المساعدة دون خوف أو خجل، فهناك مراكز علاجية متخصصة تقدم الدعم النفسي والطبي وترافق المتعافي حتى يستعيد حياته الطبيعية. العلاج متاح، والأمل موجود، وكل شاب قادر على تجاوز المحنة إذا اتخذ القرار الصحيح.
رسالة تحذيرية للشباب وأهمية التكاتف المجتمعي :
شباب الأردن أنتم أمل الوطن ومستقبله . الكبتاغون خطر يدمر الصحة، ويبدد الأحلام، ويقود صاحبه نحو متاهات لا نهاية لها. لا تنخدعوا بوعود زائفة ولا تضعوا أنفسكم في مواقف تدفعكم للندم. القرار السليم هو رفض المخدرات والتمسك بالقيم والأخلاق. لنتكاتف جميعاً كأسرة ومجتمع لحماية أبنائنا، ولنكن عوناً لمن يحتاج للمساعدة، فسلامة شبابنا مسؤولية وطنية وأخلاقية مشتركة.
