مقالات

الشائعات الرقمية… شرارة نار في زمن السرعة

11-كانون الأول

الرائد أحمد الحباشنه

في زمن تتسارع فيه المعلومة وتنطلق فيه الأخبار في ثوانٍ عبر الهواتف والمنصات الرقمية، أصبحت الشائعة أكثر خطورة من أي وقت مضى، فبمجرد نشر معلومة غير مؤكدة، تبدأ بالانتشار كشرارة صغيرة تلمس مادة قابلة للاشتعال، فتتحول خلال لحظات إلى حديث واسع يخلط الحقائق بالأوهام ويؤثر في وعي الناس واستقرار المجتمع.

إن الشائعة لا تحتاج إلى دليل كي تنتشر، بل يكفي أن تثير فضولًا أو خوفًا لتجد طريقها عبر المشاركات وإعادة النشر، بينما ينسى كثيرون التوقف لحظة والتحقق من صحتها، ومع مرور الوقت تتضخم المعلومة حتى تفقد صلتها بالواقع، ويصبح من الصعب التفريق بين الحقيقة والزيف.

يُعد تأثير الشائعات على الأمن المجتمعي تحديًا حقيقيًا، فهي قادرة على نشر القلق والتشويش، خصوصًا في الأزمات التي تحتاج إلى الهدوء والتوجيه السليم، وقد تؤدي إلى إضعاف الثقة بين المواطنين والجهات الرسمية؛ لأن كثرة المعلومات المضللة تخلق حالة من الفوضى يصعب معها معرفة المصدر الموثوق، كما أنها قد تمس أفرادًا أو مؤسسات بطرق فتشوه سمعة الأفراد أو تزرع الشكوك بالمؤسسات دون أي مبرر.

ومع ذلك، يبقى الحل دائمًا في بناء وعي رقمي ناضج، يضع كل مستخدم أمام مسؤولية التحقق قبل المشاركة، والتفكير قبل إعادة نشر أي خبر يعتمد على الإثارة أكثر من اعتماده على الحقائق، وإن قدرة المجتمع على مقاومة الشائعات تتقوى حين يعتاد أفراده الرجوع إلى المصادر الرسمية، ومواجهة التضليل بالتحقق، لا بالتفاعل العاطفي السريع.

إن الشائعة في العصر الرقمي ليست مجرد خبر عابر، بل قوة يمكن أن تغيّر المزاج العام وتربك القرارات وتؤثر في استقرار المجتمع، ولذلك فإن الوعي يصبح سلاحًا، والتحقق يصبح واجبًا، والحقيقة تصبح مسؤولية يجب أن يسهم فيها الجميع.