
8-كانون الاول
الرائد أحمد الحباشنه
يشهد العالم تطوراً متسارعاً في الجرائم السيبرانية والإلكترونية، مما يستلزم تعزيز أدوات المواجهة والوقاية، وفي مقدمتها الإعلام الأمني بوصفه وسيلة استراتيجية لنشر الوعي الرقمي وحماية المجتمع، كونه يمثل مجموعة من الرسائل والمضامين الهادفة إلى تعزيز الثقافة الأمنية لدى الأفراد، وتمكينهم من التعرف على المخاطر وكيفية تجنبها، لاسيما في الفضاء الإلكتروني الذي تتعدد فيه التهديدات وتتسارع أساليبها.
ويقوم الإعلام الأمني بدور محوري في التعريف بالأساليب الإجرامية الحديثة، مثل التصيّد الاحتيالي، واختراق الحسابات، وبرامج الفدية، والابتزاز الرقمي، وذلك عبر تبسيط المفاهيم التقنية وتقديم أمثلة واقعية تساعد الجمهور على إدراك طبيعة التهديد قبل وقوعه، كما يساهم في تعزيز السلوك الأمني الرقمي من خلال توعية المستخدمين بضرورة استخدام كلمات مرور قوية، وتفعيل المصادقة الثنائية، والحذر من الروابط والمرفقات المجهولة، وتحديث الأنظمة بشكل مستمر، بما يرسخ ثقافة وقائية فعّالة.
وفي ظل الانتشار السريع للمعلومات المضللة، يكتسب الإعلام الأمني أهمية إضافية في مكافحة الشائعات الإلكترونية عبر تقديم معلومات دقيقة وموثوقة، مما يحد من قدرة المجرمين على استغلال الاضطراب المعلوماتي لتحقيق أغراضهم، بالإضافة إلى دور الإعلام الأمني في تعزيز التواصل بين المجتمع والأجهزة الأمنية من خلال تشجيع الإبلاغ عن الحوادث السيبرانية، وإتاحة قنوات اتصال رسمية تمنح المواطنين الثقة في متابعة البلاغات واتخاذ الإجراءات المناسبة.
ورغم هذا الدور البارز، يواجه الإعلام الأمني عدة تحديات تتمثل في سرعة تطور الهجمات الرقمية، واتساع الشرائح المعرضة للاستهداف، واحتياج العاملين في الإعلام إلى تدريب متخصص في مفاهيم الأمن السيبراني والجريمة الالكترونية، ولتعزيز فاعليته، تقوم مديرية الأمن العام من إدارة الإعلام والشرطة المجتمعية بتطوير حملات توعوية رقمية مستمرة، وإنتاج محتوى بصري مبسط، وبناء شراكات مع وسائل الإعلام والمؤثرين، وتحديث الرسائل التوعوية بما يتناسب مع المستجدات التقنية.
ختاماً، يظل الإعلام الأمني ركناً أساسياً في المنظومة الوطنية للوقاية من الجرائم السيبرانية، لما يؤديه من دور مؤثر في رفع الوعي، وتقليل فرص الاستهداف، وتعزيز الثقة بين المجتمع والأجهزة الأمنية، بما يسهم في تحقيق أمن رقمي مستدام.
