مقالات

السياحة الخضراء في المملكة الاردنية الهاشمية، موقع ام النمل السياحية انموذجا

11-تشرين الثاني:

ا. محمد خلدون الطبيشات

رئيس قسم الادارة السياحية والضيافة/ الكلية التقنية/ جامعة جدارا

 

من منا لم يسمع بأم النمل، او خربة دير العسل، او تلال التيليتابيز، تختلف المسميات على هذه المنطقة، ولكنها تتوحد بجميع المصطلحات على منطقة سياحية ساحرة الجمال، حيث تمتاز بالطبيعة الخلابة، والبيئة الخضراء الجميلة، والاطلالة المتميزة الساحرة وخاصة عند غروب الشمس التي تميز موقع ام النمل عن غيره من المواقع السياحية الاخرى.

تقع منطقة أم النمل في الجهة الغربية من محافظة إربد، وسط تلال خضراء تمتد باتجاه وادي الأردن. تتميز بطبيعتها الهادئة وتكويناتها الجيولوجية التي تشكلت عبر العصور، مما جعلها مقصدا محليًا لمحبي الهواء الطلق، والتأمل، والتنزه في المساحات المفتوحة. وجعلها وجهة سياحية للسياح الدوليين، ولا تزال المنطقة تحتفظ بنسقها الريفي وطابعها الفريد من نوعه، والذي ينسجم مع انماط عديدة منها نمط الحياة الزراعية وخاصة في القرى المحيطة بها،.

كانت منطقة ام النمل محدودة المعرفة عند المجتمع الاردني، الى ان تم تشريفها بزيارة سيدي صاحب السمو الملكي الامير الحسين بن عبدالله حفظه الله ورعاه عندما زار منطقة ام النمل في ربيع عام 2022، حيث شهدت المنطقة بعد زيارة سموه العديد العديد من سياح وزوار دول العالم ودول الجوار. حيث زادت حركة الزوار نحو أم النمل بشكل ملحوظ خلال الفصول السنوية وفصل الربيع خاصة، حيث تحولت التلال من بيئة نباتية خصبة تكسوها الأعشاب البرية والزهور الموسمية الى وجهة سياحية مشهورة على مستوى السياحة الداخلية والاقليمية والخارجية. حيث تشير تقديرات الأدلة السياحية المجتمعية إلى أن المنطقة استقبلت آلاف السياح والزوار المحليين سنويًا خاصة خلال فترة الربيع من السياح والزوار المحليين والدوليين، كما ساهمت مجموعة من المبادرات في التعريف بالموقع، أبرزها مبادرة درب الأردن التي أدخلت مسارات أم النمل ضمن جولات المشي الطويلة، اضافة الى المصور الأردني أحمد ذيابات الذي كان له الدور في تصوير المواقع الخضراء والنباتات والاشجار الحرجية والمناظر الجميلة الخلابة التي اضفت طابع ايجابي لدى مرتادي موقع ام النمل السياحي،  إضافة إلى مجموعات الرحلات الشبابية، ومنشئي المحتوى السياحي على منصات مثل فيسبوك ويوتيوب، الأمر الذي عزز الحضور الشعبي والاقليمي والدولي لموقع ام النمل السياحي.

كما ابرزت العديد من البيوت التراثية، والاستراحات السياحية في منطقة ام النمل طابع ايجابي لدى السياح في خدمة العديد من السياح المحليين والدوليين، ومن ابرزها استراحة سرايا الورد، ومطل ام النمل، ومزرعة التيليتابيز، ومخيم واستراحة البيارق، وغيرها من الامور التي تخدم سياح وزوار موقع ام النمل السياحي. كما تمتلك منطقة أم النمل إيجابيات بارزة، أهمها تنوع المشاهد الطبيعية، وقربها من مركز مدينة إربد، وإمكانية الوصول إليها دون كلفة نقل مرتفعة، مما يجعلها موقعًا مناسبًا للرحلات العائلية، والرحلات والتعليمية، والمدرسية. كما تشكّل المنطقة فرصة لدعم السياحة الريفية القائمة على إشراك المجتمع المحلي في تقديم خدمات مبسطة كبيع المنتجات الزراعية والمأكولات المنزلية، وفرصة للحفاظ على السياحة الخضراء وزيارة رقعتها والحفاظ على النظام البيئي الموجود في المنطقة، وحماية الاشجار المعمرة كاشجار البلوط التي تكثر في المنطقة والتي تقدر عمرها بالاف السنين.

ومع ذلك، لا بد ان نواجه جميع التحديات لكي نحافظ على منطقة ام النمل، حيث يأتي من أبرز التحديات هو وجود نقص في المرافق الخدمية الاساسية في ظل ازدياد اعداد سياح وزوار المنطقة، كمواقف سيارات منظمة، وتوسعة الشوارع، واضافة خدمات الطعام والشراب في المنطقة، واخص بالذكر المنتجات المحلية الخاصة بالمنطقة، يجب ابرازها امام سياح المنطقة. إضافة إلى اننا نحتاج الى وجود لوحات إرشادية وتوجيهية تمكن السياح من الوصول الى موقع ام النمل بالشكل السليم. كما يظهر في بعض المواسم تراكم للنفايات نتيجة الزيارات العشوائية وغياب الرقابة البيئية. ويمكن تحسين الوضع من خلال إنشاء مسارات مشي محددة، وتنظيم حملات توعوية، وتشجيع البلديات والجمعيات المحلية على تقديم خدمات اضافية بسيطة ومستدامة، كما نحتاج الى ان تكون الامور اكثر تنظيمية بحيث يكون هناك خارطة سياحية متضمنه جميع الاستراحات، والمخيمات، والفنادق البسيطة، والخدمات الاساسية التي يحتاجها السائح في موقع ام النمل السياحي.

ختامًا، لا بد ان نعرج على دور الجهات الحكومية الاردنية كمديرية الامن العام وخاصة ادارة الشرطة السياحية، في حفظ الامن والامان في موقع ام النمل السياحي، والادارة الملكية لحماية البيئة في حماية وصون البيئة الطبيعية والاشجار الحرجية والمثمرة، ومديرية سياحة محافظة اربد، والجهات الخاصة وعلى راسها هيئة تنشيط السياحة، والدلالة السياحية الاردنية، والمؤثرين السياحين وغيرهم من الذين ساهموا ولا زالوا يساهمون في الحفاظ على السياحة في موقع ام النمل السياحي، ونرحب بجميع سياح وزوار أم النمل السياحي،  ونتمنى ان نكون جميعا حريصين ومحافظين على موقع ام النمل السياحي، وذلك لرسم نموذجًا ايجابيا مهمًا للسياح الدوليين القادمين لزيارة موقع ام النمل السياحي في كيفية الحفاظ على موقع ام النمل السياحي وعيش تجربة سياحية رائعة دون المساس بمعالم المواقع السياحة الطبيعية، بل ونعمل على رفع الوعي لدى جميع السياح والمجتمع المحلي ككل في استدامة موقع ام النمل السياحي دون الإضرار بجمالها أو هويتها الريفية الأصيلة.

من الارشيف: جانب من زيارة ولي العهد سمو الامير الحسين بن عبدالله حفظه الله ورعاه الى ام النمل في 30 اذار 2022م – المصدر: التلفزيون الاردني

من الارشيف: صورة تم التقاطها في ربيع عام 2025 – المصدر: عدسة هاتفي الشخصي

            

من الارشيف: صورة حديثة قمت بالتقاطها في خريف عام 2025 عند غروب الشمس في ام النمل – المصدر: الكاميرا الخاصة بي