
1-تشرين الاول
يمثل قرار رئيس الوزراء جعفر حسان، بتوسعة قرية العقبة اللوجستية نقطة تحول استراتيجية في مسار التنمية الوطنية، ويعزز البنية التحتية اللوجستية، ويعيد تعريف موقع الأردن في المشهدين الإقليمي والدولي.
وبحسب خبراء، فإن هذا القرار لا يقرأ بمعزل عن السياقين الجيوسياسي والاقتصادي اللذان تعيشهما المنطقة، ويفهم كاستجابة ذكية لتزايد الطلب على الخدمات اللوجستية، والتنامي لأهمية الأردن كممر آمن ومستقر على المستويات الوطنية والإقليمية والإنسانية، في منطقة تعاني من اضطرابات متكررة، في وقت اعتمدت فيه اللجنة الدولية للصليب الأحمر القرية كمركز لتوزيع المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، مما يؤكد الاعتراف بجاهزية القرية، ويشكل شهادة دولية على قدرة الأردن على لعب أدوار محورية في إدارة الأزمات الإنسانية.
وبينوا أن قرار التوسعة يأتي في توقيت حساس، حيث تتزايد الحاجة إلى حلول تخزين متطورة ومساحات إضافية قادرة على استيعاب التدفقات التجارية والإنسانية المتسارعة، مشيرين إلى أن ذلك يعكس قدرة الدولة على الاستجابة السريعة للتغيرات، وتوظيف الإمكانات المتاحة في خدمة أهداف استراتيجية أوسع، ولا سيما أن العقبة بما تمتلكه من موقع جغرافي فريد على البحر الأحمر، وشبكة نقل متصلة بالمعابر البرية والبحرية، قادرة على أن تكون منصة لوجستية إقليمية تخدم دول الجوار وتدير الأزمات بكفاءة عالية.
ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن الإرادة السياسية الواضحة والدعم المباشر من رئيس الوزراء والتصريحات الرسمية التي تؤكد جاهزية القرية كلها مؤشرات على أن المشروع يسير في الاتجاه الصحيح، وهذا النجاح يعني أن الأردن أصبح مركزا متكاملا لإدارة التجارة والإغاثة، قادرا على تقديم نموذج يحتذى به في المنطقة، وإعلان مرحلة جديدة في مسيرة العقبة، حيث تتحول من مدينة ساحلية إلى مركز إقليمي متكامل يجمع بين التجارة، السياحة والإنسانية.
*رفع القدرة التشغيلية للقرية
ومن وجهة نظر الخبير الاقتصادي إبراهيم الهوارين، فإن القيمة المضافة لهذا القرار تتجلى في مستويات عدة، على رأسها المستوى الاقتصادي، حيث تساهم التوسعة في رفع القدرة التشغيلية للقرية، واستقطاب المزيد من الاستثمارات، خصوصا في قطاع الخدمات اللوجستية الذي يعد من أسرع القطاعات نموا في العالم، إضافة إلى توفير فرص عمل جديدة لأبناء المنطقة، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي، ويحفز النمو المحلي، ويخلق بيئة اقتصادية ديناميكية في العقبة.
وعلى المستوى الإنساني، بين الناشط محمد الطراونة أن تحويل العقبة إلى مركز توزيع إغاثي يعكس التزام الأردن الأخلاقي والإنساني تجاه القضايا الإقليمية، ولا سيما القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن هذا الدور يرسخ صورة الأردن كدولة فاعلة في المشهد الإنساني العالمي، ويعزز مكانته في المحافل الدولية، ويمنحه أدوات جديدة للتأثير الإيجابي في محيطه.
أما الخبير الاستراتيجي محمد العجارمة، فيرى من جهته، أن التوسعة تعني أن الأردن بات يمتلك قدرة حقيقية على إدارة سلاسل الإمداد الإقليمية، وتقديم خدمات لوجستية بمعايير عالمية، وهو ما يفتح الباب أمام شراكات دولية جديدة، ويعزز موقعه كمركز عبور رئيسي في المنطقة، مشيرا إلى أن هذا التحول يضع العقبة في منافسة مباشرة مع مراكز لوجستية إقليمية أخرى، ويمنحها ميزة نسبية قائمة على الاستقرار السياسي والجاهزية الفنية والدعم الحكومي المباشر.
*خريطة المراكز الإقليمية الكبرى
من جهته، قال رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة شادي رمزي المجالي “إن هذا الاعتماد الدولي لقرية العقبة اللوجستية يمثل بعدا استراتيجيا يتجاوز كونه مجرد قرار إجرائي في مجال الإغاثة، ويعد اعترافا دوليا بمكانة الأردن ويضع العقبة على خريطة المراكز الإقليمية الكبرى، لإدارة الأزمات الإنسانية”.
وأشار المجالي إلى أن القرار يكرس العقبة باعتبارها جزءا من الرؤية الملكية التي طالما أكدت جعلها مركزا اقتصاديا ولوجستيا متكاملا يخدم الأردن والمنطقة، ومن خلال هذا الاعتماد تنتقل العقبة من كونها وجهة للتجارة والسياحة إلى منصة إنسانية ذات بعد إقليمي، وهو ما يعزز صورتها الدولية ويرسخ دور الأردن في المشهد الإنساني العالمي.
وبين مدير عام قرية العقبة اللوجستية حكم أبو الفيلات، أن نجاح القرية اللوجستية في استقطاب هذا الدور الدولي، يعزز مكانة العقبة الاستثمارية ويجعلها بيئة جاذبة للمشاريع الإقليمية، بما ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني ويوفر فرص عمل جديدة لأبناء المنطقة.
وأضاف أبو الفيلات، أن القرية مجهزة ببنية تحتية متكاملة تشمل مستودعات حديثة وأنظمة تخزين متطورة، إلى جانب ساحات مناولة واسعة ومرافق لوجستية، كما أن القرية تمتلك شبكة نقل برية وبحرية متصلة بالمعابر الرئيسية، ما يضمن انسيابية حركة المساعدات إلى القطاع في الوقت المناسب، مشيرا في الوقت ذاته، إلى أن جميع العمليات تتم وفق أعلى معايير الجودة والسلامة وبالتنسيق المباشر مع الجهات الرسمية والمنظمات الدولية.
