
11-آب:
محمد المعايطة
في قلب العتمة التي فرضها العدوان على غزة، انبثق ضوء من عمّان… ضوءٌ لا يهادن ولا يلين، يحمل الرحمة والقوة والوفاء بالعهد. منذ اللحظة الأولى، انطلقت الهيئة الخيرية الاردنية الهاشمية بتوجيهات مباشرة من جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظة الله ، لتكون شريان الحياة الذي يمدّ غزة بما تحتاجه، وليُثبت الأردن للعالم أن مواقفه ليست أوراقًا تُقرأ في المؤتمرات، بل أفعالًا تُكتب على الأرض بدموع الجرحى وابتسامة الناجين.
تحولت الهيئة الخيرية الاردنية الهاشمية إلى ذراع إنسانية ضاربة، تخترق الحصار وتكسر القيود، حاملة الغذاء والدواء والكساء إلى كل بيت في غزة. قوافلها لا تعرف التردد، وجسورها الجوية لا تتوقف، لأن نهجها ليس رد فعل عابر، بل هو عقيدة راسخة تنبض بروح الهاشميين الذين جعلوا فلسطين جزءًا من تاريخهم ووجدانهم، لا تنفصل عنهم مهما تعاظمت الضغوط.
تواصل الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية عبر حملة “لأهلنا في غزة” دعمها المتواصل والمركّز لتلبية الاحتياجات الإنسانية الطارئة داخل القطاع. فهذه الحملة ليست مجرد إرسال مساعدات، بل هي جسر حياة يربط عمّان بغزة عبر جسر جوي مستمر من مطار ماركا إلى مطار العريش، وقوافل برية محملة بالدواء والغذاء والمواد الإغاثية. كما تعمل الهيئة بتناغم مع الشركاء المحليين والدوليين لتأمين وصول الدعم إلى المستحقين، من خلال جمع التبرعات النقدية والعينية عبر قنوات معتمدة، وتقديم الدعم الفني واللوجستي لضمان استدامة المساعدات. وتتوسع مشاريع الحملة لتشمل توزيع السلال الغذائية والمياه النقية، توفير الوجبات الساخنة، الطرود الصحية، وإنشاء المخابز لتوفير الخبز للأسر النازحة، مما يؤكد حرص الهيئة على استجابة شاملة ومستدامة لأبناء غزة في أوقات المحنة.
وفي سياق متصل، أطلقت الهيئة مبادرة إنسانية نوعية تحت عنوان “استعادة الأمل”، مخصصة لدعم مبتوري الأطراف في غزة الذين تعرضوا للإصابات الجسيمة نتيجة العدوان. تسعى هذه المبادرة إلى توفير الأطراف الصناعية المتطورة، الرعاية الطبية المتخصصة، والدعم النفسي والاجتماعي الذي يحتاجه هؤلاء الأبطال لمواجهة التحديات اليومية. إن “استعادة الأمل” ليست مجرد برنامج علاج، بل رسالة إنسانية تؤكد أن الأردن يقف إلى جانب إخوانه في غزة، يمدّ لهم يد العون والكرامة، ويعطيهم فرصة حقيقية لحياة كريمة ومستقبل أفضل رغم كل الظروف القاسية.
وفي قلب هذا الجهد الجبار، يقف جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله قائدًا لا يعرف التراجع، يوجه ويتابع ويخاطب العالم بصوت الحق، واضعًا ملف غزة وفلسطين على قمة أولويات الأردن. لم يكتفِ جلالته بالمواقف السياسية التي أرعبت المحتل وأربكت خصوم الحق، بل أمر بإنشاء وتشغيل المستشفيات الميدانية الأردنية في غزة، التي أصبحت خطوط الدفاع الأولى عن حياة آلاف الجرحى والمرضى، تداوي الألم تحت النار، وتثبت أن الأردن حاضرٌ في ميادين الشرف كما هو حاضر في ساحات الدبلوماسية.
ورغم هذه المواقف التي يعرفها القاصي والداني، خرجت بعض الأصوات المرتزقة في حملة مأجورة تحاول تشويه صورة الأردن. هؤلاء لا يملكون من الحقيقة شيئًا، ولا من المروءة نصيبًا، يتعامون عن الأفعال البطولية ويبحثون عن ثغرات في وهمهم المريض. لكن التاريخ علّمنا أن الأكاذيب تُدفن سريعًا أمام صلابة الحق، وأن الأردن، بقيادته وشعبه وجيشه، أكبر من أن تنال منه ألسنة مأجورة أو أقلام مدفوعة.
إن الهيئة الخيرية الاردنية الهاشمية ليست مجرد مؤسسة إغاثية؛ إنها عنوانٌ للشرف الوطني، وصورة حية لكرامة الأردنيين، وتجسيد عملي لرؤية قائد جعل من العمل الإنساني رسالة قومية وأمانة تاريخية. وكلما اشتدت محاولات التشويه، ازداد الأردن صلابة وإصرارًا على أن تبقى القضية الفلسطينية في قلبه، وأن تبقى غزة في حمايته، وأن يظل صوت عمّان يدوّي: لسنا نبيع المواقف، نحن نصنعها.
