مقالات

المواكب في الأفراح الأردنية: بين الفرح والفوضى

31-تموز

محمد هاني المعايطة 

تحوّلت ظاهرة المسير في مواكب الأفراح في شوارع الأردن إلى واحدة من أكثر السلوكيات الفوضوية التي تنتهك حرمة النظام العام , وتعتدي على حقوق المواطنين وسلامتهم, فما كان يُعتبر في الماضي مظهراً من مظاهر الفرح والتباهي العائلي، بات اليوم سلوكاً مرفوضاً يعكس حالة من الاستخفاف بالقانون، واستهتاراً صارخاً بالأرواح والممتلكات.

مشاهد السيارات التي تعرقل حركة السير، وتتسبب في إغلاق الشوارع الحيوية، لم تعد تعبيراً عن “فرح شعبي”، بل أصبحت رمزاً للفوضى والعشوائية، تتفاقم معها المخاطر بدءاً من الحوادث المرورية المؤلمة، مروراً بالتعدي على حق المواطنين في التنقل بأمان، وصولاً إلى ظواهر أكثر خطورة كإطلاق العيارات النارية والاستهتار بأرواح الآخرين.

هذه السلوكيات لم تعد تحتمل ذرائع العادات والتقاليد , فالمجتمع الذي يفاخر بتحضّره لا يمكن أن يبرر ممارسات تعطل حياة الناس وتعرضهم للخطر تحت مسمى الفرح ,و إنّ التمسك بمظاهر جوفاء تفتقر لأدنى معايير المسؤولية، ما هو إلا صورة من صور الانفلات السلوكي الذي يتطلب موقفاً حاسماً.

مديرية الأمن العام، وبالتعاون مع مديرية الإعلام والشرطة المجتمعية، أطلقت حملات صارمة لتجفيف منابع هذه الظاهرة، من خلال توعية المجتمع بخطورتها وتطبيق الإجراءات الرادعة ضد المخالفين , وفي هذا الإطار، تواصل إدارة السير متابعة السلوكيات المرورية الخطيرة، وخاصة المخالفات المرتبطة بالمواكب العشوائية، عبر غرفة العمليات المخصصة لرصد المخالفات والملاحظات الواردة من المواطنين، من خلال رقم الواتساب (0770999030)، الذي يمثل منصة فاعلة لتعزيز الرقابة المجتمعية وتحفيز التبليغ عن كل سلوكيات الاستهتار بالطريق العام.

فالقانون لا يحتمل التأويل حينما يصبح الفرح وسيلة لإشاعة الفوضى وتهديد الأمن العام. ولا مجال لمجاملة من يستهتر بأرواح الآخرين وحقوقهم في الطريق العام، تحت أي مبرر كان.

لكن نجاح هذه الجهود الأمنية يبقى مرهوناً بوعي المجتمع واستعداده للتخلي عن الممارسات السلبية التي باتت تشوه صورة المناسبات السعيدة , الإعلام له دور جوهري في تفكيك هذه الثقافة السلبية، ونقل رسالة واضحة مفادها أن الفرح الحقيقي لا يكون على حساب النظام العام، ولا يتحقق بإزعاج الآخرين وتعريض حياتهم للخطر.

إن القضاء على ظاهرة المواكب العشوائية في الأفراح هو واجب وطني وأخلاقي، يتطلب وقوف الجميع في صف واحد: أمنياً، إعلامياً، ومجتمعياً، لإعادة رسم مشهد الفرح الأردني بصورة حضارية تليق بثقافة المجتمع ووعيه , فحماية الأرواح والحفاظ على النظام لا يقبلان أنصاف الحلول، ولا بد من ترسيخ ثقافة “الفرح المسؤول” كعنوان للمرحلة القادمة