
6-تموز
بقلم : محمد معن العدوان / مديرية الإعلام والشرطة المجتمعية
في رحاب هذا الوطن العزيز ، نعيش أمنًا وشموخًا تحت راية قائد حكيم، ملك مُحنّك يُدير البلاد بثبات ويحظى بمكانة دولية مرموقة ، لا يمكننا إلا أن نستشعر النعمة التي نحيا في ظلها ؛ فالأردن لم يكن يومًا مجرد حدود وخريطة ، بل هو إحساس عميق يسكن أرواحنا وانتماء نقيّ لا تحكمه مصلحة ولا تُقيده غاية .
مع مرور السنوات وخبرة العمل الأمني الميداني أدركنا حقيقة راسخة أن كل مواطن واعٍ هو رجل أمن بامتياز فليسَ بالضرورة أن يرتدي الزي العسكري أو يحمل رتبةً عسكرية ليصبح حارساً للأمن، فالأمن ليس مسؤولية الأجهزة الأمنية وحدها بل هو مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطن .
بين السلوك السليم والمشبوه نستطيع القول ان من يمتلك ثقافة أمنية متقدمة وقدرةً على التمييز بين الصواب والخطأ ؛ يكون جُندي في ساحة الحياة اليومية يراقب، ينتبه، ويبادر بالإبلاغ عن أي خطر يهدد استقرار المُجتمع .
إن مفهوم الوقاية والتوعية قبل وقوع الجريمة ليست مجرد حملة أو شعار او كلام يذهب عبثاً وينثر دون عائد مجتمعي ، هي فعلاً فلسفة أمنية مُتقدمة تبدأ من البيت والمدرسة والشارع وتصبّ في وعي المواطن الذي يعرف أن أمنه مسؤولية جماعية..كيف لا وعندما نرى حُب الناس للجيش والأجهزة الأمنية ونتعايش معه يومياً ، ندرك أن الشعب هو الجيش والجيش من أبناء الشعب ، تتجلى أروع صور التلاحم الوطني الشامل ونكون يدًا واحدة نعكس بها صورة مُشرقة بدايةً من مجتمعنا الصغير وإلى رحاب أردننا الكبير العزيز بأرضه وشعبه .
في مديرية الإعلام والشرطة المجتمعية ، لا نؤدي دورًا تقليديًا يقتصر على نشر المعلومة أو نقل للحدث ، بل نحمل على عاتقنا رسالة أعمق ؛ ترسخ ثقافة أمنية ووقائية تحاصر الجريمة في مهدها ، وتُعزز وعيًا جمعيًا يُدرك قيمة الأمن ، لأننا نؤمن أن حماية الأوطان لا تكون بالسلاح وحده ، بل بالانتماء ، والوعي ، ورفض اللامبالاة فالمعركة اليوم لم تعد معركة سلاح ، بل معركة فكر، وتوعية، ثقافة أمنية تُبنى من موقف وتبدأ من فكرة، وتنضج مع الأيام ، لذلك لا نستخف أبدًا بوقع التوعية، ولا نقلل من أثر الوقاية، لأن الوعي هو حجر الأساس في بناء وطن آمن متماسك، عصيّ على الاختراق ووفِيّ لترابه .
وأقول هذا من واقع تجربة عشتها بكل وجداني حين خدمت في وقتٍ مضى في مجال البحث والإنقاذ ، كانت لتلك المرحلة الأولى محطة فارقة في حياتي ، لا تغيب عن ذاكرتي لحظة واحدة ، فما زلت أذكر مشاهد صادقة لدموع أمّ تنتظر عودة طفلها ، وصرخة استغاثة تنقلك من السكون إلى أقصى درجات التركيز ، نظرات شُكر في عيون فقدت الأمل ثم استعادته ، تلك اللحظات كانت تمنحني شعورًا بالفخر لا يشبه أي شعور آخر ، كُنت أشعر أنني جزء من منظومة أنسانية عظيمة ، منظومة تحمي لا فقط الحدود ، بل الأرواح والقلوب وتُعيد البسمة والفرحة لوجوه وأسر فقدت الأمل في هذه الحياة ، لا زلت حتى اليوم أؤمن أن كل إنقاذ او وقاية هو انتصار صغير للإنسانية وانتصار كبير للوطن
